بقلم : ريما إمام
يُشبه الإكتئاب الغول ، والوحش الكاسر ، فهو بئر عميق يهوى إلى قاعها المريض ، فالاكتئاب “بحر الظلمات بدون شاطىء” .لا يعرفه إلا من عاناه شىء يعتصر الروح و يكوى النفس و يحرق البدن تماما مثلما تلقى بانسان فى وسط نيران تحيط به من كل جانب و لا مهرب منها و لا أمل و لا أحلام ولا مستقبل بل التعاسة و الحزن و اليأس و الهزيمة و الضعف و الاستسلام .
فأضعف حالة يكون عليها الانسان و هو مكتئب ، فالمكتئب هو أكثر المرضى احتياجا إلى التعاطف و الحنان و الإهتمام و الفهم و الإقتراب و الإحتضان و الإحتواء .
لذلك يجب علينا أن نعرف ما هو الإكتئاب و أسبابه و أعراضه و طرق الوقاية منه ؟
أولا : “الاكتئاب الجسيم “
و هو يصيب 7% من الناس فيوجد فى العالم حوالى 500 مليون مكتئب او اكثر . واهم اعراضه هى انطفاء الحماس و الاقبال على الحياة و الاستمتاع بها فكل شىء يبدو فاتر و كل شىء بلا معنى و بلا قيم لا شىء يهم المكسب و الخسارة يستويان و الحياة و الموت يستويان و الليل و النهار يستويان . وحين تتساوى المتناقضات فالحركة تتوقف و الاحساسيس تتعطل .لا مذاق و لا طعم ولا رائحة ولا لون .
فتموت الرغبة فى كل شىء الطعام و الشراب و الحب و الجنس و المعرفة و الابداع و العطاء . و يصبح الانسان وقتها لا يدرى ماذا يفعل ولا ماذا يقول ؟ و ممكن وقتها ان يشعر الانسان بالذنب لاشياء لم يفعلها و يشعر بدونيته و ان وجوده عبء على الآخرين و عار وانه مطارد او مراقب او مدان .
ويستيقظ مبكرا حيث ان الاستيقاظ المبكر سمة من سمات هذا المرض و يستيقظ المريض و هو رافض الحياة .و يشكو المريض الالم الجسدى فى اى مكان فى جسده فيشعر بالصداع و يشعر بألام فى البطن و الصدر و فى اسفل الظهر و يشعر بتنميل فى اطرافه و ايضا بخدلان . و يشعر بان الحياة لا تستحق ان يحياها . الاكتئاب مرض مزمن فى 80% من الحالات اى يأتى و يذهب فى صورة نوبات متكررة قد تستهلك ربع او خمس عمر الانسان .
ثانياً الاكتئاب التي يعرف باسم “الاضطرابات الوجدانية” : ويكون اعراضه نفس اعراض الاكتئاب الجسيم و لكن فى بعض الاحيان يعود المريض الى حالته الطبيعية تماما ثم بعد فترة من الزمن يصاب بالاكتئاب مرة اخرى . وفى بعض الاحيان ينتاب هذا المريض شعور بالسعادة الغامرة و التى تاتى بصورة زيادة فى كل تصرفاته فانه خروج عن الواقع بكل المقاييس ، و يحتاج المريض فى هذه الحالات الى انواع من المهدئات للتحكم فى الحالة.
ثالثاً اكتئاب “عسر المزج” : و هنا يبدو المريض انسان عادى و يمارس كل نشاطات الحياة المختلفة اى يبدو طبيعيا و لكنه يشعر بغصة او بمرارة عدم سعادة . يشعر بفتور و عدم حماس و لكنه يدفع نفسه دفعا لممارسة الحياة و اداء الواجبات و تحمل المسئوليات . تنتابه موجات حزن يعجب لها و لا يرى سببا . و تستمر هذه الحالة بين المجىء و الاتيان دون ان يشعر احد من حوله انه مرض .
رابعاً “الاضطراب المزاجى” : و هذه الحالة تنتاب المريض بحالة من العسر المزاجى ثم يعقبها حالة من النشاط و المرح يتأرجح بين الحماس و الفتور و التشاؤم و التفاؤل و هكذا و لكن فى كلتا الحالتين لا يصل الى مرحلة الاكتئاب الشديد
خامساً اضطرابات التكيف : وتحدث عقب مشكلة او ازمة يتعرض لها الانسان او ضغوط شديدة و تسمى هذه الحالة بالاكتئاب التفاعلى اى ناشىء عن الضغوط والمشاكل و يتحسن بتغير الظروف الى الافضل
سادساً “اضطراب المزاج العضوى” : وهى حالة عضوية تؤدى الى حالة اكتئاب او هوس . و هناك نوع من الاكتئاب يصاحب الحمل و يعقب الولادة و نوع اخر يصيب المرأة فى الاسبوع ما قبل الدورة الشهرية . علاج الاكتئاب : لابد فى بعض الحالات ان يخضع المريض الى العلاج و الى الذهاب الى الطبيب او الاستشارى المختص ومدة العلاج تكون على حسب الحالة التى يحددها الطبيب و لابد من الاستمرار فى العلاج و عدم الانقطاع عنه فجأة و يستمر العلاج لمدة تتراوح الى ستة اشهر حتى لا يصاب المريض بالنكسة .
الوقاية : و تأتى فى ان يعطى للمريض العقاقير الوقائية و التى قد يستمر فى بعض الحالات لتناولها عدة سنوات و يجب على المريض ان ينتظر و ان يمضى العلاج وفقا الى خطة و بروتكول . و هناك علاج معرفى فى محاولة تغيير الافكار القاعدية التى يرتكز عليها وجدانه فاذا تغيرت الفكرة تغير الوجدان فنجعل المريض يتبنى افكار اخرى بديلة ايجابية مؤداها الى حياة جميلة ورائعة و تستحق ان نحياها لنستمتع بها انعم الله بها علينا . و اخيرا نقول ان المكتئب اكثر الناس احتياجا للتفهم و الفهم و الحنان و التعاطف فالمعرفة تهدينا الى الطريق الصحيح .
Discussion about this post